تدفع مصانع «بير السلم» نحو النور.. ضريبة المشروعات الصغيرة "مزايا ولكن"!

تدفع مصانع «بير السلم» نحو النور.. ضريبة المشروعات الصغيرة "مزايا ولكن"!

تكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسى للحكومة بالاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر باعتبارها نواة للتنمية الاقتصادية نتج عنها العديد من الحوافز منها اصدار قانون تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر الذى تضمن عددا من الحوافز الضريبية منها تطبيق ضريبة قطعية بسيطة على هذه المشروعات حسب حجم الاعمال ودون الحاجة الى دفاتر يحددها صاحب العمل بنفسه وذلك من خلال اقرار ضريبى مبسط سنوى ..


وقد استقبل اصحاب المشروعات المستفيدون من القانون تلك الحوافز بكثير من السعادة مؤكدين انها تصب فى تنمية المشروعات وتمنع النزاعات الضريبية التى تحدث بيننا وبين مأمورى الضرائب لانها بكل بساطة انهت ما يعرف بالتقديرات الجزافية .. بينما اكد الخبراء ان تلك الحوافز تساعد اصحاب المشروعات الذين يعملون بعيداً عن اعين الرقابة الشرعية او ما يطلق عليهم مصانع « بير السلم» للخروج الى النور ليسجلوا مشروعاتهم ويحصلوا على الامتيازات العديدة التى توفرها الحكومة مثل الدعم الفنى من خلال الاستشارات الفنية والتسويقية التى توفرها وزارة الصناعة لهذه المشروعات وكذا المشاركة فى المعارض المحلية والدولية والدعم التصديرى وتخصيص الاراضى لمشروعاتهم فى المناطق الصناعية والاستفادة من مبادرات البنك المركزى الذى يقدم القروض لمثل هذه المشروعات بفائدة رمزية ٥% متناقصة بما يدفع هذه المشروعات نحو النمو المستدام ولتسهم بدور فعال فى مكافحة البطالة وتشجع الشباب على ارتياد العمل الحر..


بداية يرى الدكتور بهجت الداهش رئيس لجنة المشروعات الصغيرة باتحاد الصناعات السابق وعضو لجنة تعميق الصناعة بأكاديمية البحث العلمى ان هذه القيمة الرمزية التى حددتها وزارة المالية للسداد تساعد أصحاب هذه المشروعات على سدادها والانطلاق من القيود التى تحاصرها لأنه يصعب عليهم حصر حجم أعمالهم وتقلل حالات التهرب الضريبى وتدفع أصحاب مشروعات «بير السلم» على الاندماج فى مظلة الاقتصاد الرسمى للاستفادة بالمميزات التى تقدمها الحكومة لأصحاب هذه المشروعات على رأسها التمويل المصرفى الميسر حيث إن أصحاب هذه المصانع يتعرضون لفرض الإتاوات من جانب البلطجية حتى لا يبلغوا الجهات الرقابية عن أنشطتهم المخالفة مشيرا الى انه توجد ٤ عوامل رئيسية لنجاح هذه المشروعات أولها الخبرة الفنية للشاب وثانيها الدعم المالى اى القروض وسعر الفائدة وثالثها الخبرة الإدارية لتشغيل المشروع وكيفية الإدارة المالية للقرض ورابعاً التسويق الجيد للمنتج.


يقول الداهش ان الدراسات كشفت عن ان ٩٠٪‏ من حجم الصناعات عالميا مشروعات صغيرة ومتوسطة ،كما ان حجم القطاع غير الرسمى فى مصر يصل إلى ٦٠٪‏ وهؤلاء يعملون فى أماكن مخالفة للمواصفات المطلوبة للتصنيع وفى ظل ظروف صحية وبيئية وفنية غير مناسبة ويستخدمون خامات رديئة تضر بالصحة العامة لأسباب عديدة على رأسها التهرب من الضرائب وضآلة حجم رأس المال العامل لديهم الذى لايتيح لهم التوسع فى مشروعاتهم والانفاق عليها مما يجعل الجهات المحلية لا توافق لهم على منحهم التراخيص المطلوبة للتشغيل وهؤلاء لابد من إدخالهم تحت مظلة الاقتصاد الرسمى للاستفادة من برامج تطوير منتجاتهم بما يساهم ذلك فى سد جزء من احتياجات الاسواق بل ويمكن استخدام هذه المصانع فى زيادة القيمة المُضافة للمنتج التصديرى اذا تم تطوير أدائها وتوفير القروض اللازمة لدمجها فى الاقتصاد القومي.


إمساك الدفاتر


اما الدكتور سعيد عبد المنعم وكيل تجارة عين شمس السابق وأستاذ المحاسبة والمراجعة والضرائب واحد المشاركين فى إعداد قانون الضريبة على المشروعات الصغيرة ان القانون لم يتدخل فى نشاط المنشأة لكنه حدد لها حجم أعمال سنويا من خلال إمساك الدفاتر الخاصة بهذه المنشآت وفرض النية الحسنة لاصحاب هذه المشروعات لتحديد حجم نشاطهم وهو اُسلوب مبسط ويمنع التهرب مشيرا الى ان هذا القانون يساعد فى عمليات الدمج التدريجى لاصحاب مصانع «بير السلم» الذين يعملون تحت جنح الظلام وان دمجهم يزيد حجم المجتمع الضريبى ٤٠% ولابد للحكومة ان تعمل على دمجهم لزيادة الموارد السيادية للدولة حيث لاتزال الضريبة هى المورد الرئيسى لهذه الموارد.


يؤكد عبد المنعم ان هذا القانون تمت مناقشته على مدار اكثر من عام كامل حيث كان يؤخذ فى الاعتبار ان هذه المشروعات ضعيفة الهيكل والبنيان الفنى ولابد من احتضانها وتقوية دعائمها حتى تستطيع تحمل التقلبات المحلية والعالمية خاصة تداعيات كورونا العالمية .


ضريبة قطعية


اما ياسر السقا المدير التنفيذى لاتحاد مستثمرى المشروعات الصغيرة والمتوسطة فيقول ان الاتحاد شارك مع اعضاء اللجنة الاقتصادية لمجلس النواب السابق فى مناقشة ٣ مشروعات قوانين تقدمت بهم كل من جهاز تنمية المشروعات الصغيرة ووزارة التضامن التى حل محلها وزارة التموين والتجارة الداخلية واتحاد التنمية الاقتصادية وتم تحديد حجم الاعمال بناء على تعريف البنك المركزى للمشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة واستقر التعريف على ان المتناهية الصغر حتى مليون جنيه بينما المشروعات الصغيرة تبدأ فيما فوق المليون وحتى ال ٥٠ مليوناً والمتوسطة فيما فوق الـ50 مليوناً حتى الـ٢٠٠ مليون والكبيرة فوق ذلك المبلغ وقد حددت الضريبة بناء على حجم هذه الأعمال فحجم الأعمال حتى ٢٥٠ ألف جنيه يدفع ألف جنيه ضريبة قطعية سنوياً واقل من مليون جنيه حتى ٥٠٠ ألف يدفع ٥آلاف جنيه سنوياً من مليون حتى مليونى جنيه يدفع عشرة آلاف جنيه سنوياً من ٢ الى ٣ ملايين جنيه يدفع 75 من مائة فى المائة من حجم أعماله اما من ٣ الى عشرة ملايين يدفع ١% على ان يقدم صاحب المشروع الإقرار الضريبى مرة واحدة فى العام ، مؤكدا ان هذا القانون فرض ضريبة رمزية على أصحاب هذه المشروعات مقابل منحهم امتيازات عديدة عند التسجيل على رأسها إعفاء أصحاب هذه المشروعات من رسوم الدمغة والتوثيق والشهر لعقود التأسيس وكذا اعفاء عقود التسهيلات الائتمانية وتسجيل الأراضى من الرسوم وتخفيض رسوم الجمارك على معدات الانتاج الى ٢% بدلاً من ٥% علاوة على الفائدة الميسرة التى يستفيد منها صاحب المشروع الصناعى من قروض البنك المركزى التى خصصها لهم وهي٥% حيث بلغ جملة المستفيدين منها بقيمة ١٥٠ مليار جنيه منذ عام ٢٠١٦ علاوة على ذلك قيام البنك المركزى بجدولة ديون المتعثرين فى هذا القطاع بتأجيل سدادهم للأقساط المستحقة لمدة ثلاثة اشهرويطالب الاتحاد بتأجيل سدادها ثلاثة اشهر اخرى بسبب تداعيات كورونا.


جاهزون لدفعها


لكن ما آراء اصحاب هذه المشروعات فى تطبيق القانون ؟


يقول المهندس تامر فهمى صاحب مشروع لتصنيع شمعة الإشعال الذاتى فى البوتاجازات :ان مبلغ الضريبة القطعية بسيط ويمكن لصاحب المشروع ان يدفعه لكن هناك مشكلة تتمثل فى ان الحكومة يجب ان تثبت هذا المبلغ لعشر سنوات على الأقل وتتوسع فى مد مظلة المتعاملين مع الضرائب لتوسيع شبكة الممولين بضم فئات اخرى لزيادة الحصيلة فهذه الفئات لابد من تغليظ العقوبة عليهم للتسجيل فى مصلحة الضرائب حتى يخرجوا الى النور لانهم دأبوا على الغش والمكاسب الفاحشة السريعة مؤكداً ان ضمهم الى الشرعية يجعلهم يشاركون فى المعارض الدولية والمحلية والاستفادة من برامج تحديث الصناعة التى تطور منتجاتهم وكذا الاستفادة من الدعم التصديري..


يضيف ان اصحاب المشروعات الصناعية على استعداد لدفع هذه الضريبة البسيطة وان الحكومة قدمت لاصحاب المشروعات الصغيرة اساليب متعددة لدعمهم لكنها لم تحميهم من مزاحمة المستورد من دول جنوب شرق اسيا حيث يتمتع الصناع فى هذه الدول بكافة ألوان الدعم المادى والمعنوى بما فيها الاعفاء من الضرائب لذا فإن منتجاتهم تتمتع بالمنافسة السعرية على مستوى محلى وعالمى لذا فإنه يعانى من مزاحمة المنتج الصينى له حيث تهدد هذه المنتجات بقاءه فى السوق رغم جودة منتجاته لذا فإنه لايمانع من دفع قيمة هذه الضريبة بشرط ان توفر له الحكومة الحماية خشية زوال مشروعه الذى يعمل فيه ٥٠٠ عامل .


التأمين الصحي


يقول محمد رشاد صاحب مشروع للألبان ومنتجاتها أنه دفع ٢٧ ألف جنيه ضريبة عقارية بواقع ٤ جنيهات على المتر الواحد سنوياً و٢٫٥% نسبة تأمين صحى من حجم تعاملاته فى السوق و٦ آلاف و٧٠٠ جنيه ضريبة الخصم والإضافة الى الضريبة المقترح تطبيقها، و ان مصنعه يضم ٢٠ عاملاً منتظماً بخلاف العماله غير المنتظمة ويسدد مبالغ مالية كبيرة للتأمينات علاوة على ذلك ان البنك المركزى ألغى القروض التى تمنح للشباب لادارة وتشغيل المشروعات التجارية الصغيرة وقصرها على المشروعات الصناعية حيث وصل سعر الفائدة حالياً الى ١٨% بدلاً من ٥%، اضافة الى ارتفاع اسعار المرافق العامة كأسعار الكهرباء مطالباً بتأجيل تطبيق هذا المقترح الى ان تتحسن ظروف السوق لان حالة الركود تسيطر على الاسواق منذ عام ٢٠١٢م.


رسوم التأمينات


اما اسلام ياسين صاحب مشروع لتصنيع المنتجات الجلدية فيقول ان المبالغ التى يطالب بها اصحاب هذه المشروعات يجب ان تؤجل الحكومة تحصيلها ان اصحاب هذه المشروعات يمرون بعقبات كبيرة وان مبالغ الضريبة التى فرضها القانون ليست كبيرة لكن هذه المشروعات اصبحت تغرق فى دوامة تقلبات الاسواق وان المشروعات الصغيرة تستوعب عمالة كثيفة منتظمة وموسمية ويفضل ان تدعمها الحكومة فى هذه الظروف .


تأجيل التطبيق


يرى محمد رستم صاحب مشروع لتصنيع الزيوت النباتية انه لا يمانع من سداد هذا المبلغ بشرط ان يتم تثبيته لعشر سنوات الى ان تجتاز مثل هذه المشروعات الآزمات التى تمر بها خاصة تداعيات كورونا وما خلفته من تراجع الطلب وحجم اعمالهم.


مشروعات «بير السلم»


من جانبها تؤكد الدكتورة يمن الحماقى استاذة الاقتصاد بتجارة عين شمس ومديرة مركز المشروعات الصغيرة بالكلية ان الضريبة القطعية ستعطى دفعة قوية لعشرات الآلاف من المشروعات والمصانع التى تعمل تحت جنح الظلام بان تخرج الى النور وتسجل مشروعاتها فى السجل التجارى وكذا بطاقة ضريبية وسجل صناعى لتصبح مسجلة وتمارس نشاطها بشكل شرعى.